بين ضرب تل ابيب وحب تل ابيب





لم
يعد خافياً على أي متابع للقضية الفلسطينيه اليوم، أن هناك فريقين كبيرين
داخل الساحة الفلسطينية، فريق يقاوم، وفريق يقاول، فريق يرى أن السلام
العاقر من مضمونه هو طريق لاسترداد الأرض، وفريق يرى أن الأرض لا تعود الا
من خلال فوهات البنادق.

كلاهما
عينه على تل أبيب، وكلاهما يغازلها، لكن لكل فريق طريقته الخاصة في
المغازلة، فريق يغازلها بقبلات التنسيق وغمزات التفريط المجاني لعيون
الآنسة الإسرائيلية، والآخر غازلها -وما يزال- برائحة البارود، وموشحات
الدم، وأزهار M75
وفي ظني أن القادم أقوى وأعنف .

في البداية ظن
الفريق الاول أن أوسلو هي طريق السلام وأن ربع الوطن سيعود من خلال اتفاقيه
ماتت قبل الولادة وعلينا أن نهديهم حمامة السلام وغصن الزيتون .بدأ الفريق
الاخر بالجهاد وتجهيز الاستشهادين حتى يصلوا الى الارض التي بُيعت وتم
نسيانها ،


هنا بدأنا نعرف
المسافة الحقيقية بين ضرب تل ابيب ومن وقع في غرامها مسافة أختصرها المقاوم
الفلسطيني من كل الجهات بالعمليات الاستشهادية .و عبر الانتفاضتين وبعدهما
نجد أن المقاومة في بدايتها حققت مكاسب معنوية لا يمكن التقليل من شأنها
وكذلك السكاكين وحقق الحزام الناسف توازن رعب محدود في الأماكن العامة جعل
الإسرائيلي يقلق على حياته في المطعم والباص كما يقلق الفلسطيني على أطفاله
في غرف نومهم ؟ أما الصواريخ العابرة للحدود ولجدار صهيون العظيم في معركة
حجارة سجيل الاخيرة فقد حققت “توازن رعب” جعلت الإسرائيليين يشعرون بالحرب
إذ قامت ويسمعون صفارات الإنذار إذا اشتعلت وينبطحون في الشوارع إذا
احتدمت وتضمهم الملاجئ.. ولا ملجأ من أمر الله إذا نطق الحجر؟!


هذا رغم اصرار
الطرف المهادن على أنها عبثية ولاقيمة لها وانها لاتصب في عملية السلام طرف
لايرى أنه له الحق في العودة الى صفد أو تل الربيع أو حيفا أو غيرها من
الارض المحتله ويرى أن القدس قدسين شرقيه وغربية ويرى أن التنسيق مع المحتل
واجب وطني من أجل الجلوس على مائدة المفاوضات أو الحصول المساعدات أو وقف
الاستيطان وكأن مشكلة فلسطين الاولى والأخيرة هي الاستيطان.


دعونا نرجع قليلاً الى الوراء ونستشهد التاريخ حتى نعرف المسافة الحقيقة
بين حب تل ابيب وضرب تل ابيب بدأ الحب منذ تسليم أول مقاوم للمحتل والتنسيق
معه ضد الشعب المقاوم والاعتراف بالمحتل وضرب المقاومة وتشويهها والتقليل
من دورها واختصار القضية في المفاوضات والمساومات على قدس شرقيه وغربيه أو
استيطان أو أموال محجوزه .لكن في المقابل بدأ ضرب تل ابيب من الحجارة و
السكاكين والحزام الناسف والعبوات الناسفه ثم السلاح البسيط ثم الصاروخ
محلي الصنع والانتاج


.لابد لنا أن
نفرق بين من يقاوم وبينمن يساوم على أرضه وشعبه ولابد أن نفرق بين من يقول
لا طريق لنا الا بالسلام والاستسلام وبين من يقول لن تهدم القلاع ولن تكسر
الحصون وبين من يعترف بالغاصب ويرى انه واقع ولامفر منه وبين من يقول لن
نعترف باسرائيل وبين من ينسق وبين من يقاوم وبين من يخطف أبناء شعبه من أجل
أمن المحتل وبين من يأسر جنود من أجل تحريرآسرى من السجون ..


نحن الان أمام مشروعين مشروع يرى أنه لا شيئ ثابت وأن الواقع تغيير ومشروع يقول بالحق الآزلي والثابت للشعب الفلسطيني
قد أثبت التاريخ أن مقولة “لا صوت يعلو فوق صوت الصواريخ قد أعطت المحتل والمفاوض درسا لن ينسوه أبدا ..

رغم كل الوضوح في ملحمة غزة المحاصرة والصابرة إلا إن المهادن والمخذلين
معه والمشككين ظهروا علينا من كل حدب وصوب يشككون في قدرة المقاومة على ضرب
العمق الاسرائيلي ولأن الاصطفاف في خندق العدو غرس خنجره القذر في عقولهم
ظهر وبان الخطاب المتصهين الذي لم يتمكن من مشاهدة ورؤية معاناة الأطفال
والنساء والشيوخ في غزة الآبية ولكنه رأي (كما يدعي) المناورة التي تحدث
بين المقاومة والعدو خطاب غريب وعجيب .


.هذا مجرد خطاب
وخطاب مضاد !خطاب مع الحق الفلسطيني الأزلي ويرى أن الدفاع عن النفس حق
كفلته كل الدساتير الارضية وللمقاومة الفلسطينية الحق في تعزيز قواتها
وتدريب كوادرها وتسليح كتائبها من أي جهة كانت وبأي أسلوب كان فليس في
الحروب اختيارات محددة ومعينة. وخطاب أصطف معخطاب صهيوني استعماري طامح
لاستكمال مخطط نتنياهو الجهنمي القاضي بدفن نصف غزة في البحر ودفن النصف
الأخر في الأرض المقدسة حتى لا يسمع الضمير العربي و العالمي ا لنائم مرة
أخرى أنين الجرحى وصيحات الثكالي التي تتردد منذ أكثر 64 عاما! ولكن هيهات
!!

وتـتشكل في أغلب الوقائع السياسية على الساحه الفلسطينيه سحائب التكتل
السياسي في الشارع الفلسطيني والعربي ، وهو في غالبه تكتل أيديولوجي أعمى،
فتمطر الأحداث مآ سيوخذ لانا وأقوالا غير قابلة للفهم وأفعالا غير قابلة
للتفسير وتهاجر الإنسانية إلى غير رجعة والشواهد مؤرقة! وحصارغزة ومعركة
حجارة السجيل ومعركة الامعاء الخاوية أمثلة حية تشرح القضية.بين حب تل ابيب
وضرب تل ابيب


في حصار غزة وتهويد القدس وقمع المقاومة في الضفة ومعركة الأمعاء الخاوية
أطراف الصراع فيها واضحة منذ سقط الأقنعه حتى سقوط أخر طفل في غزة...هنا
سؤال: متى تتوقف مسلسلات التعصب الأعمى لمشروع لايحمل هدف تحرير الارض
كامله بدون نقصان ومتى تتوقف بعض الجهات عن بث الفرقه عبر برامجها المشئومة
وهي لن تحجب الحق الاصيل للشعب المقاوم ! وهذا الذين يجرح مشاعرنا مع كل
نشرة إخبارية أو موجز للأنباء ..
ولكن رغم ذلك ما زال فى داخلى يقين بأن روحا وطنية مُقاومة تلوح فى الأفق
وقادرةعلى تبديد هذه الغيوم وصنع نصر ومستقبل أفضل لهذا البلد المقدس الذى
نحبه ويسكن فى داخلنا ،لأنه ليس لدينا سواه ، ولم يكن له سوانا